-->

المثلية الجنسية في مصر القديمة

المثلية الجنسية في مصر القديمة



طوال التاريخ البشري وكانت للحياة الجنسية قدر من اهتمام حيث انها هى ذلك الجزء من الحياة اليومية الذين يعبرون عن مشاعرهم ورغبتهم في الاستمرار في الحياة من خلالها.
فإن هذا الجزء من اليوم يكون بمثابة تعبير سلوكي عاطفي على مدى رغبتهما في الاستمرار في الحياة سوياً وعدم فتور علاقتهم واستمرارية انجذاب كلا الطرفيين للاخر.
وهنا يتطرق بنا الحديث عن من هم الاطراف في هذه العلاقة وما هى ميولهم؟
طوال التاريخ القديم والحديث اظهرت الحضارات فنون تعبر عن حياتها الجنسية كجزء مُقدر ومُحترم من حياتهم وابرزت أيضاً الحضارات عن ماهية هذه الحياة وسلوكيتها وميولها.. ومن ابرز الميول الجنسية المعروفة في العالم الحديث هى المثلية الجنسية، لكن ما هو موضعها من العالم القديم و بالتحديد من مصر القديمة.

المثلية الجنسية

في البداية يمكن تعريف المثلية الجنسية بشكل مختصر بإنها انجذاب الفرد عاطفياً وجنسياً لمثيله من نفس الجنس، اي ينجذب الرجل للرجل والمرأة للمرأة.
في العالم الحديث يختلف موقف المجتمعات من المثلية الجنسية بين مؤيد ومعارض بإختلاف الثقافات والشعوب.
لكن ما سنوضحه هنا هو موقف مصر القديمة من المثلية الجنسية.

الحياة الجنسية في مصر القديمة

اعتبر المصريين القدماء ان ممارسة الجنس هو أمر خاص لا يجب أن يحدث في العلن و بل حرم ان يمارس في المعابد والاماكن المقدسة حتى لا تتدنس، و هذا ما يوضح ندرة وجود نقوش مشاهد جنسية في الفن المصري القديم على جدران المعابد والمقابر، لكن تم تصوير المشاهد العاطفية حيث اعتبر الجانب العاطفي هو الاسمى.
لا يبدو المصريون القدماء خجولين بشكل رهيب من الجنس لكن كان هذا في إطار احترام الأماكن المقدسة. في الأساطيرهم المصرية نجد ذكر واضح لسلوكيات جنسية دون خجل.




فيمكن أن نقول ببساطة ان المصري القديم احترم الجنس داخل اطار الحياة الجنسية دون أي يسمح بممارسته امام العامة ولا في المعابد حفاظاً على طهارة الأماكن المقدسة.
هذا كان موقف المصريين القدماء من الممارسات الجنسية اما ماذا عن موقفهم من الميول الجنسية مثل المثلية الجنسية؟
نجد بشكل واضح وحاسم في "كتاب الخروج للنهار" ان المصري قد اعتبرها سلوك غير مقبول يكفي أن يحرمه من العبور للعالم الآخر.
حيث يقف رجل في محكمة الموتى اما ٤٢ قاضي وينكر ذنوبه امامهم ومنها اعتراف بصيغة النفي حيث يقول: (انا لم ارتكب الفاحشة مع نساء غير زوجته او حتى الرجال).



ذكر المثلية الجنسية في مصر القديمة

لكن ماذا عن ذكر احداث او قصص عن المثلية الجنسية في مصر القديمة؟
هناك ابرز ثلاث احداث مثيرة للجدل في تاريخ مصر القديمة عن المثلية الجنسية



١- قبر خنوم حُتُب و ني عنخ خنوم سقارة.


حيث صورهم الفنان على جدار المقبرة في وضع متقاربين ومحتضنين بعضهم بعضاً وانوفهم شبه ملتصقة.
فإعتبر البعض انه مشهد عاطفي لزوجيين مثليين متحبان، لكن في الحقيقة انها مقبرة اخان توأم صورهم الفنان بهذا الشكل تعبيراً عن العاطفة الأخوية.
حتى ان المقبرة نفسها تعرف بإسم "مقبرة الأخوين" وتخص هذه المقبرة اثنين من كبار الموظفين في الأسرة الخامسة، هما: "ني عنخ خنوم" و"خنوم حتب"، الكاهنين في معبد الشمس الخاص بالملك "ني وسر رع"، في منطقة أبو غراب، واللذين شغلا أيضاً المصففين لشعر الملك والمشرفين على مقلمي أظافره.

٢- الملك ببي الثاني "نفر كا رع"


هى قصة قصيرة غير مكتملة الأركان لكنها مثيرة للجدل.. تدور احداث القصة حسب ما ذكرت في بردية شاسيناه (رقم : ٢٥٣٥١ الموجودة بمتحف اللوفر) حول أحد المواطنين -غير معروف الإسم- قد اتى إلى بلاط الملك ” بيبي الثاني ” والمذكور فى البردية بإسم "نفر كل رع"، هذا المواطن أتى إلى قاعة الإستماع للشكاوى التى بقصر الملك وكان غرضه قراءة مرثية غنائية أمام الملك تتعلق بحادثة وقعت له –وهى حادثة لا تذكرها البردية أيضاً– ويبدو أن الملك لم يرغب في أن يستمر في الاستماع لهذا المواطن فأمر الفرقة الموسيقية المصاحبة للمرثية بأن تفسد اللحن ليتخلص من هذا المواطن، وبعدها حاول هذا المواطن مرات عديدة لتكرار المرثية وباءت محاولاته بالفشل وفى إحدى المرات عند مغادرة هذا المواطن القصر طلب من صديق له ويدعى “تتى” أن يتبعه ليراقبه ويعرف خط سيره، وعند مراقبة “تتى” للملك وجد أنه يخرج من القصر ليل كل يوم ليذهب إلى موظف بالقصر يدعى ” شا سنت” ويذكر النص الجملة التالية ” يذهب جلالته ليلا إلى منزل “شا سنت”.
رأى البعض هذا بان الملك كان يذهب لهذا الموظف ليمارس مع الجنس في الليل دون علم احد، لكن تجاهل اصحاب هذا الرأي ان هذا الموظف كان قائد الجيش ليس موظف عادياً ومع عدم وجود أي أدلة عما يفعلونه في الليل (ان صحة القصة) فهناك العديد من الاحتمالات لما كان يفعله ملك وقائد جيشه في اجتماعتهم السرية غير ممارسة الجنس.

٣- حورس و ست


حورس و ست اثنان من النترو في الأساطير المصرية وكانوا من الذكور.
ان القصة تدور في اطار الصراع بين حورس و ست للفوز بالعرش.
وفي هذه المرة يستخدم ست حيلة مختلفة حيث حاول ست ممارسة الجنس مع حورس حتى يُلحق به العار فلا يطالب بعرش ابيه، لكن تغلب عليه حورس بمساعدة امه ايزيس ليضع ست في موقف محرج امام مُجمع الآلهة في هليوبوليس.
قد اعتبر البعض ان تواجد المثلية الجنسية في الاسطورة هو دليل على وجودها في المجتمع المصري الحقيقي لكن هناك جوانب أخرى لهذا الحدث.
اولاً هو ان القصة كانت قد إضيفة في عصور متأخرة قد احتكت فيها الثقافة المصرية بثقافات أخرى.
ثانياً ان القصة تبرز ان الميل المثلي الجنسي او ممارسة الجنس المثلي هو فعل دنئ يجلب العار على فاعله ولهذا حاول ست ان يفعله لحورس حتى لا يتمكن من المطالبة بالعرش.




كما ذكرت في البداية ان موقف العالم الحديث من المثلية الجنسية يختلف بإختلاف والثقافات بين مؤيد ومعارض.
اما عن موقف مصر القديمة من المثلية الجنسية فقد كان معارض لها بل اعتبرها اهانة وعار يلاحق صاحبه في حياته ويمنعه من العبور للحياة الاخرى.

المصادر:
كتاب الخروج في النهار -بول بارجيه

الحياة الجنسية في مصر القديمة -ليز مانيش

 بردية شاسيناه (رقم : ٢٥٣٥١ الموجودة بمتحف اللوفر)

خرافات واساطير
حرب حورس وست -ديفيد أ. ماكنتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق